1 |
أحاولُ منذُ الطفولةِ |
أن أتصوَّر شَكْلَ الوطَنْ . |
رَسَمْتُ بيوتاً ، |
رَسَمْتُ سُقُوفاً ، |
رَسَمْتُ وُجُوهاً ، |
رَسَمتُ مآذنَ مطليَّةً بالذَهَبْ |
رَسَمتُ شوارعَ مهجورةً |
يُقَرْفِصُ فيها .. لكيْ يستريحَ التَعَبْ |
رَسَمْتُ بلاداً ، تُسمَّى مَجَازاً ، |
بلادَ العَرَبْ .. |
أحاولُ منذُ الطفولة رَسْمَ بلادٍ |
تسامِحُني .. |
إن كَسَرْتُ زُجاجَ القمرْ |
وتشكرني .. إن كتبتُ قصيدةَ حُبٍّ |
وتسمح لي أن أمارس فعل الهوى |
ككل العصافير، فوقَ الشجرْ .. |
أحاولُ رسمَ بلادٍ .. |
بها بَشَرٌ يضحكون .. ويبكونَ مثلَ البَشَرْ |
أحاولُ أن أتبرَّأ من مُفرداتي |
ومن لعنةِ المُبْتَدا .. والخَبَرْ .. |
وأنفضُ عني غُباري |
وأغسِلَ وجهي بماء المطرْ .. |
أحاول من سلطةِ الرمل أن أستقيلَ ... |
وداعاً قريشٌ .. |
وداعاً كليبٌ .. |
وداعاً مُضَرْ ... |
3 |
لها بَرْلَمَانٌ من الياسمين .. |
وشَعْبٌ رقيقٌ من الياسمينِ .. |
تنامُ حمائمُها فوق رأسي .. |
وتبكي مآذِنُها في عُيُوني . |
أحاولُ رَسْمَ بلادٍ .. |
تكونُ صديقةَ شعري |
ولا تتدخلُ بيني .. وبينَ ظنوني |
ولا يتجوَّلُ فيها العساكرُ |
فوقَ جبيني .. |
أحاولُ رَسمَ بلادٍ |
تُكافِئُني .. عن حَرَقْتُ ثيابي |
وتصفحُ عني .. |
إذا فاضَ نهرُ جُنوني ... |
4 |
أُحاولُ رَسْمَ مدينة حُبٍّ |
فلا يذْبحونَ الأنوثةَ فيها .. |
ولا يقمعونَ الجَسَدْ .. |
رحلتُ جنوباً .. |
رحلتُ شمالاً .. |
ولا فائِدَهْ .. |
فقهوةُ كلِّ المقاهي ، لها نكْهَةٌ واحِدَهْ |
وكُلُّ النساءِ لهُنَّ ، إذا ما تعرَّيْنَ .. |
رائحةٌ واحدَهْ .. |
وكلُّ رجالِ القبيلةِ ، لا يمضغونَ الطعامَ. |
ويلتهمونَ النساءَ .. |
بثانيةٍ واحدَهْ ... |
5 |
أُحاولُ منذُ البداياتِ .. |
أن لا أكونَ شبيهاً بأيِّ أَحَدْ |
رفضتُ عبادةَ أيَّ وَثَنْ |
أحاولُ إحراقَ كُلَّ النصوص التي أرتديها |
فبعضُ القصائد قَبْرٌ |
وبعضُ اللُّغاتِ كَفَنْ . |
رسمتُ نزيفَ المقاهي |
رسمتُ سُعَالَ المُدُنْ |
وواعدتُ آخِرَ أُنثى |
ولكنني .. جئتُ بَعْدَ مُرورِ الزَمَنْ .... |
6 |
أحاولُ رسمَ بلادٍ |
سريري بها ثابتٌ |
ورأسي بها ثابتٌ |
ولكنهمْ .. أخذوا عُلْبَةَ الرسمِ منّي |
ولم يسمحوا لي .. |
بتصوير وَجْهِ الوَطَنْ ... |
ورأسي بها ثابتٌ |
لكيْ أعرفَ الفرقَ بين البلادِ .. وبين السُفُنْ .. |
ولكنهمْ .. أخذوا عُلْبَةَ الرسمِ منّي |
ولم يسمحوا لي .. |
بتصوير وَجْهِ الوَطَنْ |